في إطار الشراكة الاستراتيجية بين موسكو وباماكو، أعلن المجلس العسكري الحاكم في مالي تسلم القوات المسلحة المالية شحنة جديدة من العتاد العسكري من جانب روسيا، وهي الثانية التي تتسلمها مالي في أقل من شهر.
وقال رئيس هيئة الأركان العامة في مالي، الجنرال عمر ديارا: "نحن نتلقى هذه الدفعة الثانية من العتاد العسكري من روسيا، إنها تعبير عن شراكة مثمرة للغاية مع الدولة الروسية، وتتضمن الشحنة الجديدة مروحيتين قتاليتين ورادارات للمراقبة".
من جانبها، نشرت الرئاسة المالية عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، صورًا لعملية تفريغ حمولة طائرة الشحن الروسية التي نقلت العتاد إلى مطار باماكو الدولي.
كانت باماكو قد أعلنت في 31 مارس الماضي تلقيها من موسكو طائرتين هليكوبتر قتاليتيين من طراز "ميل. مي -35 بي"، وأجهزة رادار محمولة من طراز "59. إن 6 - تي إيه".
يقول الكاتب والمحلل السياسي من مالي، عبدالله ميغا، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الشحنات العسكرية تأتي في إطار صفقة معدات عسكرية تم توقيعها بين الطرفين منذ أكثر من شهرين، مضيفًا أن السلطات في مالي تفضل التعامل مع الجانب الروسي عن التعامل مع الفرنسيين في الإطار العسكري، مشيرًا إلى أن المعدات العسكرية الروسية أقل ثمنًا من قرينتها الفرنسية، فضلًا عن تحكم فرنسا في تحرك أي معدة عسكرية تقوم ببيعها للجيش المالي.
كان وزير الدفاع المالي ساديو كامارا، قد أعلن الشهر الماضي تسلم بلاده مروحيتين وجهاز رادار ومعدات عسكرية أخرى، وصلت على متن طائرة شحن روسية إلى قاعدة عسكرية في مطار باماكو، لتنضم هذه الشحنة العسكرية الجديدة لأربع مروحيات أخرى وأسلحة وفّرتها روسيا التي تحتفظ بعلاقات وثيقة مع المجلس العسكري الحاكم في مالي.
وتشهد العلاقات بين روسيا ومالي تطورًا مستمرًّا في الفترة الأخيرة، وسط تقارير أوروبية تتحدث عن إرسال عناصر من شركة "فاغنر" الروسية إلى مالي، في الوقت الذي تؤكد فيه موسكو وباماكو، أن العسكريين الروس الموجودين في الأراضي المالية هم مدربون عسكريون تابعون للجيش الروسي.
ودفع التقارب بين العسكريين في مالي والكرملين، القوات الفرنسية وحلفاءها الأوروبيين لإعلان سحب قواتهم من مالي في فبراير الماضي، وذلك بعد أن تدهورت العلاقات بين باريس وباماكو، عقب قرار فرنسا خفض قواتها في مالي من 5 آلاف عسكري إلى ما بين 2500 و3000 بحلول عام 2023، وغادرت 3 قواعد في شمال مالي بهدف تركيز وجودها في المناطق القريبة مِن حدود النيجر وبوركينا فاسو.
وزادت حدة التوتر بين البلدين بعد خطاب رئيس وزراء مالي شوغل كوكالا مايغا، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، سبتمبر الماضي، الذي اتهم فيه فرنسا بالتخلي عن بلاده في منتصف الطريق.. ومنذ 2013، كانت تعمل فرنسا على مساعدة مالي في الحرب على الإرهاب.
يقول خبراء سياسيون لـ"سكاي نيوز عربية"، إن هذه الخطوة تعكس أهمية إفريقيا في السياسة الخارجية الروسية، وأهمية حفاظها على ما حققته من مكاسب عن طريق وجودها في مالي، وذلك رغم ظروف الحرب الروسية الأوكرانية.
الخبراء يُضيفون أن روسيا ترسل في ذات الوقت رسالة للدول الغربية والأوروبية أن الحرب الدائرة لن تشغلها عن تعزيز علاقاتها مع العالم الخارجي، خصوصًا من الناحية العسكرية، حيث إن روسيا تهدف في الأساس من حرب أوكرانيا إلى كسر النظام العالمي أحادي القطبية وخلق نظام عالمي متعدّد الأقطاب، لذا فإن تعزيز تعاونها العسكري مع مالي يأتي لتدعيم تغيرات السياسة الخارجية الروسية وحفاظ موسكو على حلفائها.