تعتمد القوى النووية على امتلاك منصات إطلاق السلاح النووي من الجو والبر والبحر فيما يعرف بـ"الثالوث النووي"، الذي يمثل رمزا لقوة الردع الاستراتيجي لهذه الدول.
ويمكن تفسير ذلك بأن الدول التي تمتلك "الثالوث النووي" هي دول لديها القدرة على شن هجمات استباقية ضد دول أخرى، في ذات الوقت الذي تمتلك فيه القدرة على الرد بهجمات انتقامية (الضربة النووية الثانية)، إذا تم استهدافها من قبل قوة نووية أخرى.
وتمثل القاذفات الاستراتيجية منصات إطلاق طائرة للقنابل والصواريخ النووية، وهي منصة الإطلاق الوحيدة التي نفذت هجوما نوويا فعليا منذ اكتشاف السلاح النووي حتى الآن، حينما استخدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لقصف اليابان عام 1945 خلال الحرب العالمية الثانية.
ورغم خطورتها، إلا أن وجودها في قواعد جوية ثابتة يجعل عملية استهدافها بضربات استباقية أمرا محتملا في وقت الحرب، وهو ما يعني إصابة القوة النووية للدولة بالشلل.
ولهذا السبب تم تطوير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، التي تنطلق من صوامع محصنة تحت الأرض لتصيب أهدافها على بعد آلاف الكيلومترات.
لكن مع تطور تقنيات الرصد الجوي والفضائي أصبحت احتمالات تعرض صوامع الصواريخ الباليستية لهجوم استباقي واردة.
ولهذا السبب، أصبح تسليح الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية بصواريخ باليستية عابرة للقارات يمكنها حمل رؤوس نووية هي الضلع الأهم في "الثالوث النووي" للدول النووية، لأن تلك الغواصات يمكنها البقاء لفترات غير محدودة تحت سطح الماء في أي مكان حول العالم بما تحمله من صواريخ نووية يمكن إطلاقها في أي وقت.
وتكمن أهمية الغواصات النووية في أن عملية اكتشافها لا يمكن أن تحدث إلا بمحض الصدفة لأن قدرتها على الغوص لأعماق كبيرة تحول دون رصدها بواسطة وسائل الرصد الجوي والبحري المختلفة.
كما أن تلك الغواصات تمتلك ميزة أخرى وهي قدرتها المستمرة على تغيير مواقع تمركزها تحت سطح الماء، ما يعني أنها حتى إذا تم اكتشافها فإنها تمتلك القدرة على المناورة والإفلات من أي هجوم في وقت قصير.
ويضاف إلى ذلك أن الغواصات النووية يمكنها إطلاق صواريخ لإحراق مدن بأكملها في دقائق معدودة لتعاود الاختفاء لفترات طويلة تحت سطح الماء دون أن يتم اكتشافها.
*بريطانيا و"الثالوث النووي"
تمثل بريطانيا واحدة من الدول النووية التي تعترف بامتلاك السلاح النووي رسميا وهي روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والصين، إضافة إلى بريطانيا.
وتمتلك بريطانيا 225 رأسا نوويا، تحشد نحو نصفها على منصات إطلاق من الجو والبر والبحر.
وكشفت تجربة الإطلاق الفاشلة التي أجرتها غواصة نووية بريطانية مؤخرا عن فشل "الثالوث النووي" البريطاني، الذي تمثل الغواصات النووية أهم أضلعه، ما يمكن تفسيره بأن بريطانيا فقدت ثلث قوة الردع النووي المفترض أنها تملكها.
ولم تتمكن الغواصة البريطانية من إطلاق صاروخ نووي من طراز "ترايدنت - 2"، حيث سقط بالقرب منها في المياه، حسبما ذكرت تقارير إخبارية.
وبحسب تقارير، فإن التجربة الأخيرة هي ثاني تجربة إطلاق فاشلة منذ عام 2016 لنفس الصاروخ، الذي يصنف ضمن الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، التي تتكون من 3 مراحل وتعمل بالوقود الصلب، حسبما ذكر موقع "ميسيل ثريت" الأمريكي، الذي أوضح أن هذا النوع مصمم لعمل على متن الغواصات وتستخدمه كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وكانت تجربته الفاشلة الأخيرة من على متن الغواصة البريطانية "فانغارد"، وهو صاروخ باليستي دخل الخدمة عام 1990 ويتراوح مداه بين ألفين و12 ألف كيلومترا.
المصدر: سبوتنيك