وجدت تل أبيب نفسها مجبرة على وقف تصدير الأسلحة نحو الخارج، آخرها دبابات “ميركافا” القتالية التي ارتبط اسم المغرب بها كثيرا، لكن ذلك يبقى “بدون تأثير” على الرباط التي اتخذت خطوات هامة في سياسة تنويع الشركاء العسكريين.
ولعقود كان المغرب “حبيس” السوقين الأمريكية والفرنسية. ومع إعلان سياسة التحديث والتطوير في العتاد القتالي للقوات المسلحة الملكية، نجحت الرباط في الابتعاد عن تأثيرات الصراعات الدولية للقوى الكبرى على إمدادات السلاح الخاصة، ومثال ذلك حرب روسيا وأوكرانية، حيث عرفت وقتها وفي الفترات المقبلة صفقات تسليح من الصين وروسيا وحتى البرازيل.
وتشكل حرب غزة أيضا مختبرا مهما لتقييم أداء السلاح العسكري الإسرائيلي، الذي تبين وفق خبراء وتقارير متطابقة أنه “سلاح عادي، لا يستحق الترويج الكبير الذي عرفه طيلة سنوات”.
وفي سياق البحث عن مآل الصفقات العسكرية بين المغرب وتل أبيب، منها شبه المعلنة كراجمات الصواريخ المتطورة “PULS”، والأخرى التي تبقى حديث الصحف كـ”الميركافا”، التي “بدأت إسرائيل تضع خطوطا حمراء للحصول عليها بسبب حربها ضد حماس، لا بد من التعريج على الشق السياسي في العلاقات بين البلدين، الذي حرصت الرباط على فصله عن الشراكات في الأوراش الأخرى مع الدول الأجنبية”، بحسب هشام معتضد، خبير في العلاقات الدولية والاستراتيجية.
**الفصل عن الاقتصاد والسياسة
في حديث لهسبريس، صرح معتضد بأن “الرباط في علاقاتها مع تل أبيب حرصت دائما على الفصل بين ما هو سياسي واقتصادي وعسكري، حيث إن القيادة في المغرب كانت دائما تفضل مقاربة ثلاثية الأبعاد في تدبير تطورات علاقاتها مع تل أبيب وديناميكية العلاقات تتغير حسب السياق الإقليمي لكن بسرعات مختلفة وتوجهات تأخذ بعين الاعتبار أهمية كل بعد بالنسبة لتوجهات الدولة وقيمها ومبادئها”.
وقال معتضد إن “منع تل أبيب تزويد الدول الأجنبية بالسلاح بسبب الحرب، لن يؤثر بشكل كبير على هيكلة التموين العسكري للمغرب؛ لأن نسبة ونوعية إمدادات السلاح الإسرائيلية للقطاع الدفاعي والأمني المغربي تبقى جد هامشية وضئيلة وغير رئيسية في استراتيجية بناء المخزون المغربي للسلاح”.
وأضاف الخبير في العلاقات الدولية أن “الاعتماد على سياسة تنويع الشركاء، بالإضافة إلى لائحة تقليدية قارة من الموردين التاريخيين، يجعل المغرب من الدول التي تدبر مخزونها من السلاح بمقاربة دقيقة تحفظ لها توازنها الاستراتيجي عسكريا، وتجنبها الاختلالات المتعلقة ببناء مخزوناتها من السلاح والعتاد العسكري”.
“الصفقات العسكرية بين إسرائيل والمغرب قائمة، واستمرارها وارد استراتيجيا؛ لأنها جزء من رؤية المغرب العسكرية في تطوير قطاعه العسكري، خاصة فيما يتعلق بالخبرة ونقل التصنيع، وهذا التوجه تم بناء على حسابات متعلقة بالأمن القومي المغربي بعيدا عن التوجهات السياسية والإيديولوجية والمواقف الدبلوماسية”، يقول معتضد.
وزاد: “السلاح الإسرائيلي في الحرب على غزة لم يظهر بالجودة العالية والدقيقة التي يتم التسويق لها عسكريا من طرف الجيش الإسرائيلي، حيت لاحظنا تدمير بعد الأنواع من الدبابات إسرائيلية الصنع بشكل سهل وبطرق لا تتطلب تكوينات عسكرية متطورة، بالإضافة إلى الثغرات التي أبانت عنها القبة الحديدية التي كانت إلى حدود السابع من أكتوبر مصدر فخر الصناعة العسكرية الإسرائيلية”.
وخلص المتحدث سالف الذكر إلى أن “المسؤولين على الصناعة العسكرية الإسرائيلية واعون تماما أنه يجب أن يستعدوا لمرحلة ما بعد الحرب من أجل إعادة بناء جديد لصناعتهم الحربية؛ لأن ما شهده العالم في الميدان أبان عن ثغرات كبيرة وأعطاب عديدة على مستوى أنواع من العتاد العسكري، وذلك قد يعصف بالعديد من الصفقات العسكرية التي أبرمتها إسرائيل مع العديد من الدول”.
**حالة ارتباك واضحة
اعتبر محمد أكضيض، خبير أمني، أن “الجيش الإسرائيلي يعيش حالة من الارتباك الواضحة، خاصة بعد ظهور ضعف كبير على المستوى الميداني وأيضا الاستخباراتي”.
وقال أكضيض، في تصريح لهسبريس، إن “قرار تل أبيب منع تصدير بعض الأسلحة التي ارتبط اسمها بالمغرب، لن يؤثر على العلاقات السياسية بين البلدين، باعتبار أن إسرائيل في حرب، وكما هو ظاهر فضربات المقاومة أضعفت سلاحها بقوة”.
واسترسل شارحا: “المغرب في الأصل له سياسة تنويع الشركاء في جميع المجالات، وليس فقط المجال العسكري، بحيث لا ينتظر وصول سلاح من سوق واحدة فقط، وإذا منعت إسرائيل تصدير الأسلحة فالمملكة أمامها أسواق متعددة ومتفوقة”.
وشدد أكضيض على أن “الشق الذي ظهر فيه الجيش الإسرائيلي ضعيفا للغاية هو الجانب الاستخباراتي، إذ إن طوفان الأقصى طرح الكثير من الأسئلة حول حقيقة القدرات الاستخباراتية الإسرائيلية”.
المصدر: هسبريس