تعدّ الصناعات العسكرية رافدا أساسيا من روافد الاقتصاد العالمي في عالم يضج بالحروب والنزاعات؛ الأمر الذي أدى إلى ظهور منافسين جدد أثّر بشكل كبير على الدول الرائدة في هذا المجال الحيوي، وفي مقدمتها فرنسا.
ووفق تقرير لصحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن القاعدة الصناعية والتكنولوجيا الدفاعية الفرنسية "BITD" تواجه تحديات هائلة من المنافسين الأقوياء الجدد: كوريا الجنوبية وتركيا وإسرائيل.
وقالت الصحيفة انه على الرغم من إن معهد "BITD" يضم أربعة آلاف شركة، بما في ذلك شركات كبرى مثل إيرباص، وداسو للطيران، فإن السوق المحلية المحدودة تُجبر الصناعة الدفاعية على الاعتماد على الصادرات من أجل البقاء.
*رافال فخر فرنسا
ولعبت طائرة رافال، بمحركاتها من شركة سافران، وإلكترونيات تاليس، دورًا محوريًّا في تأمين المركز الثالث لفرنسا في صادرات الأسلحة العالمية في عام 2022.
وأوضحت الصحيفة أن اعتماد فرنسا على منتج واحد (رافال) أدى إلى تحديات في بيع معدات عسكرية أخرى، وفي الوقت الذي يكافح فيه معهد "BITD" في السوق الأوروبية، يظهر منافسون جدد من كوريا الجنوبية وتركيا وإسرائيل كتهديدات خطيرة.
وتستفيد هذه الدول من مجموعة واسعة من المنتجات وضوابط تصدير أقل تقييدًا، مكنتها من تقديم عروض كبيرة في سوق الأسلحة العالمية.
*صعود كوريا الجنوبية
وصعدت كوريا الجنوبية، على وجه الخصوص، بسرعة، لتصبح تاسع أكبر مُصدّر للأسلحة في عام 2022، ومع التركيز على الحلول الفعالة من حيث التكلفة التي تلبّي معايير الناتو، حصلت كوريا الجنوبية على عقود مهمة، مثل طلب بولندا ألف دبابة من طراز "K2" و500 دبابة من طراز "K9" ومدافع الهاوتزر.
وتمتلك تركيا، التي تحتلّ المرتبة 12 في صادرات الأسلحة العالمية، طموحا في هذا المجال.
وفي الوقت نفسه، قامت شركة إسرائيلية للتكنولوجيا الفائقة بغارة استثنائية على العقود في عام 2023، وحصلت على عدة أماكن في التصنيف العالمي.
*نقاط القوة والضعف
وقالت "لوموند" في الوقت الذي تحتفظ فيه فرنسا بنقاط قوة في مجال الصواريخ وأقمار المراقبة والأنشطة السيبرانية، فإنها تتخلّف في مجال الطائرات من دون طيار، وهو المجال الذي تتفوّق فيه تركيا.
وتعترف مؤسسة الدفاع الفرنسية بإحجامها التاريخي عن نقل المعرفة إلى العملاء الأجانب؛ ما يعيق قدرتها على تأمين العقود الكبيرة.
وإدراكاً للمشهد المتغيّر، تعمل فرنسا على تطوير عقيدتها لإقامة شراكات إستراتيجية مع دول ذات أبعاد عسكرية ودبلوماسية واقتصادية، تهدف إلى تنظيم عروض طويلة الأجل تشمل أنواعًا مختلفة من الأسلحة للبلد نفسها مع البقاء في طليعة التكنولوجيا.
كما سلّطت الحرب الروسية الأوكرانية الضوء على الأهمية المتزايدة لجداول التسليم وتوافر المواد في عقود الأسلحة.
من جانبه، يؤكد وزير القوات المسلحة، سيباستيان ليكورنو، على هذه المعايير؛ إذ إن 78% من مشتريات الأسلحة من دول الاتحاد الأوروبي في مرحلة ما بعد الصراع كانت مصنوعة من شركات تصنيع غير أوروبية، مع حصول فرنسا على 12% فقط.
*الحفاظ على الريادة
وخلصت صحيفة "لوموند" إلى أنه من خلال التنقل في هذا المشهد المتطور، فإن فرنسا تسعى إلى الحفاظ على ريادتها من خلال تنويع مجموعة معداتها والتكيّف مع الديناميكيات المتغيّرة لسوق الأسلحة العالمية، لا سيما أن التحديات واضحة، ويتعين على صناعة الدفاع الفرنسية أن تضع إستراتيجية فعّالة حتى تظل لاعباً رئيساً في مواجهة المنافسة الدولية المتزايدة.
المصدر: إرم نيوز