وصلت كلاً من وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس ووزير الدفاع البرياطين بن والاس، إلى تركيا يوم الأربعاء الماضي في زيارة رسمية ليومين يقودها المسؤولان البريطانيان إلى أنقرة، حيث أجريا محادثات مع مسؤولين أتراك تناولت عدداً من القضايا، من بينها العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية الراهنة.
ونقلاً عن وكالة الأناضول أن وزير الدفاع التركي خلوصي أقار سيناقش مع نظيره البريطاني ملفات الأمن الثنائي والإقليمي، لا سيما التطورات في أوكرانيا وأفق التعاون في مجال الصناعات الدفاعية.
فيما تكشف هذه الزيارة عن علاقات تعاون متبادل بين البلدين، أبرزها في المجال العسكري، حيث رفعت لندن مؤخراً قيودها أمام صادرات السلاح إلى تركيا. وبالمقابل يتزايد اهتمام البريطانيين بالصناعات الدفاعية التركية، ما يفتح مجالاً أكبر لتوطيد هذه العلاقات.
زيارة خلال مرحلة دقيقة
وفي أعقاب لقاء تروس بنظيرها التركي مولود جاوش أوغلو، نشرت وزارة الخارجية البريطانية بياناً قالت في بأن هذه الزيارة "في وقت يتعرض فيه الأمن والسيادة وتقرير المصير للتهديد، حيث أصبح تحالف المملكة المتحدة طويل الأمد مع تركيا أكثر أهمية من أي وقت مضى".
وذكر البيان بأن أبرز ما تضمنته المحادثات التي جرت بين المسؤولين مناقشة "خطَّة لإطلاق صراح صادرات الحبوب الأوكرانية". وشددت تروس على أن "السفن التجارية بحاجة إلى ممر آمن لتتمكن من مغادرة الموانئ الأوكرانية، كما يجب حماية الموانئ الأوكرانية من الهجمات الروسية (...) ومن الضروري اتخاذ إجراءات بهذا الخصوص في غضون الشهر المقبل قبل موسم الحصاد الجديد".
هذا ومنذ أسابيع تكثف تركيا جهودها لحل أزمة صادرات الأغذية من أوكرانيا، حيث أعلنت الخارجية التركية، مطلع شهر يونيو/حزيران الجاري، عملها على آلية لـ"فتح ممر تجاري آمن عبر موانئ البحر الأسود يشمل مرور الحبوب"، تكون مرضية لأطراف النزاع القائم في أوكرانيا.
وبخصوص التعاون العسكري، تضمنت الاجتماعات بين وزيري دفاع البلدين تبادل وجهات النظر الثنائية، ووجهات النظر الخاصة بحلف شمال الأطلسي حول الدفاع الإقليمي والأمن والتعاون في الصناعات الدفاعية، مثل الحرب في أوكرانيا. وأوضح أقار في الاجتماع أن العلاقات بين تركيا وإنجلترا مستمرة في كل مجال على أساس الشراكة الاستراتيجية.
كما سلَّط الوزير التركي الضوء، أثناء حديثه، عن الزخم الذي اكتسبه القرار البريطاني يإلغاء قيود صادرات السلاح لتركيا، معتبراً إياه خطوة لتعزيز التعاون في مجال الصناعات الدفاعية. كما نوه بأهمية التعاون في مكافحة الإرهاب، وعلى وجه الخصوص الأعمال الإرهابية التي يقودها تنظيم PKK/YPG الإرهابي.
تعاون عسكري وثيق
منذ خروج بريطانيا من عباءة الاتحاد الأوروبي، أخذت مسألة شراكاتها الدفاعية مع تركيا زخماً جديداً. حيث تضمنت تلك المرحلة عودة المملكة كلاعب حر داخل حلف شمال الأطلسي، وبالتالي توجب عليها البحث عن تقاربات ثنائية، بخاصة مع القوة العسكرية رقم 2 في الحلف.
وتكمن الأهمية الاستراتيجية من هذا التقارب، بالنسبة للندن، أيضاً في كون تركيا حلقة ربط بين آسيا وأوروبا، كما بين روسيا والمعسكر الغربي. وفي سنة 2017 عزَّز البلدان شراكتهما الدفاعية بتوقيع صفقة أسلحة بـ100 مليون جنيه إسترليني، عقب زيارة رئيسة الوزراء البريطانية وقتها تريزا ماي لأنقرة.
ووقع البلدان، في 29 ديسمبر/كانون الأول 2020، اتفاقية تبادل حر دخلت حيز التنفيذ منذ يناير/كانون الثاني 2021. هذه الاتفاقية التي، حسب محللين، يمكن لها أن تعزز التعاون في مجال الصناعات الدفاعية بين البلدين.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت الحكومة البريطانية رفعها القيود عن تصدير السلاح نحو تركيا. وعلَّق رئيس الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل ديمير، على هذا القرار، قائلاً: "الخطوات الإيجابية التي وعدت بها الحكومة البريطانية في وقت سابق قد جرى اتخاذها وتنفيذها (...) ومن المهم اتخاذ مثل هذه الخطوات والعمل بروح التحالف، وقد رأينا كيف يمكن تشكيل أجندة إيجابية إذا تصرف الجانب البريطاني وفقاً لهذه الروح".
اهتمام متبادل بالصناعات الدفاعية
ويفتح المستوى المتقدم من التعاون العسكري الباب أمام اهتمام متبادل، بين تركيا وبريطانيا، بالصناعات الدفاعية لبعضهما البعض.
حيث أبدت الحكومة البريطانية اهتمامها بمسيرات "بيرقدار" التركية خصوصاً بعد النجاح الذي حققته في الحرب الأوكرانية الأخيرة. حيث سبق ووصف وزير الدفاع البريطاني بين والاس، المُسيرات التركية بأنها "قادرة على تغيير لعبة الحرب".
وفي أكتوبر/تشرين الأول، كشف وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي مصطفى وارانك، الجمعة، أن بريطانيا مهتمة بشكل جدي بالمسيّرات التركية المسلحة. وقال في حديثه لقناة CNN Turk: "إذا اتخذت المملكة المتحدة قرارها، فسيكون هناك دولة جديدة جرى تصدير طائرات تركية مسلحة من دون طيار إليها. كما سيزداد عدد الطائرات من دون طيار التركية في سماء أوروبا".
المصدر: تي آر تي عربي