يبحث الجيش الأميركي عن أنظمة واستراتيجيات مضادة للطائرات المسيرة، بعدما أظهرت فاعلية كبيرة في الحرب بأوكرانيا، وذلك بحسب ما ذكره موقع "Defense one".
وأصبحت الطائرات المسيرة سلعة رائجة في جميع المهام العسكرية، إلا أن أسلحة الردع التي تتصدى لها لا تحظى بالقدر نفسه من الاهتمام بالنسبة للجيش الأميركي، وهو ما يسعى الأخير لتغييره حالياً.
وقال مسؤولون في الجيش الأميركي، إن إحراز أي قوة برية لتقدم في العمليات، يعتمد على امتلاكها قدرات الدفاع عن قواتها ضد الطائرات بدون طيار.
ولم يضع قادة القوات المسلحة في الولايات المتحدة أو حلفائها في الناتو، خططاً نهائية لقوتهم المستقبلية المضادة للطائرات بدون طيار، حتى مع امتلاكهم دفاعات أقل بكثير مما يشير المحللون إلى أنها ستكون ضرورية.
*دروس حرب أوكرانيا
وتنتشر الطائرات بدون طيار في ساحات القتال الأوكرانية، بعدما تم الاعتماد عليها كلياً، بدءاً من استهداف المدفعية وحتى شن ضربات على البنية التحتية المدنية.
وأكد قائد في الجيش البولندي أن الطائرات الروسية بدون طيار هي السبب الرئيسي لتدمير المدفعية التي أرسلتها وارسو إلى كييف.
وإدراكاً لأهمية وخطورة الطائرات المسيرة، تمتلك أوكرانيا وروسيا مجموعة واسعة من تقنيات ردع الطائرات بدون طيار، بدءاً من أجهزة التشويش المحمولة إلى المدافع الآلية المثبتة على المركبات.
وأكد الأوكرانيون أن الحرب الإلكترونية الروسية فعالة على نحو خاص ضد طائراتهم المسيرة.
وتتسلل الطائرات بدون طيار التابعة لكلا الطرفين بانتظام عبر الدفاعات الجوية، وتشن ضربات على موسكو ومحطات الطاقة الأوكرانية.
وقالت القوات المسلحة الأوكرانية، إنها تفتقر إلى ما يكفي من الدفاعات الجوية قصيرة المدى لصد الهجمات المتوقعة هذا الشتاء من جانب روسيا على محطات الكهرباء.
*أوكرانيا ليست وحدها
قد يكون الجيش الأميركي متأخراً كثيراً عندما يتعلق الأمر بحلول ردع الطائرات بدون طيار، إذ خفض الجيش الأميركي قبل عقدين بشكل جذري الإنفاق على الأنظمة المضادة للطائرات قصيرة المدى، اعتقاداً بأن القوات الجوية يمكن أن تسيطر على الأوضاع.
وفي عام 2005، خفض الجيش الأميركي وحدات الدفاع الجوي قصيرة المدى SHORAD، إلى كتيبتين للخدمة الفعلية وسبع كتائب لدى الحرس الوطني، التي تشغل منظومات أفينجر العتيقة.
وأكد القائد بالجيش الأميركي بيتر ميتشل، في مقال لمعهد الحرب الحديثة أن الدفاعات الجوية قصيرة المدى اختفت تقريباً بحلول العام 2014.
واتخذ الجيش الأميركي خطوات للتصدي لتهديد الطائرات بدون طيار، بينها إطلاق أكاديمية للتدريب على مكافحة المركبات الجوية المسيرة في فورت سيل في عام 2024، ليختبر أنواعاً مختلفة من الدفاعات.
وتسلمت الوحدة الأولى بالجيش الأميركي، في عام 2021، نظام إم شوراد M-SHORAD، وهو نظام دفاع جوي قصير المدى مثبت على مدرعة مزودة بأربعة صواريخ ستينجر ومدفع آلي.
ويخطط الجيش الأميركي لنشر 144 صاروخاً إم شوراد، وهو ما يكفي لأربع كتائب. ووافق الجيش الأميركي على شراء ثلاثة أنواع من أنظمة التشويش المحمولة المضادة للطائرات بدون طيار.
*نظام ردع متكامل
وأفادت شركة "DroneBuster"، وهي إحدى المؤسسات المصنعة للأنظمة المضادة للطائرات المسيرة، أنها باعت 2000 جهاز إلى "العملاء العسكريين ومسؤولي إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم".
ويمتلك الجيش الأميركي نظام الردع المتكامل المتنقل المنخفض والبطيء والصغير المضاد للطائرات بدون طيار M-LIDS، والذي يتم نشره حالياً في الشرق الأوسط.
وقالت شركة "ليوناردو دي آر إس لاند سيستمز" Leonardo DRS Land Systems إن الجيش الأميركي يريد تجهيز 9 فرق بخمس مجموعات من أنظمة "إم إل آي دي إس" لكل فرقة، لافتة إلى أنه سيبدأ في نشر الأنظمة خلال العام المقبل، فيما أكد قادة في الجيش الأميركي، العمل على استراتيجية جديدة لمكافحة الطائرات بدون طيار.
وأوضحت نائبة وزير الدفاع الأميركية، كريستين ورموث، أن الجيش الأميركي سيحتاج على الأرجح إلى "دفاع جوي عضوي" مع وحدات المناورة لردع الطائرات بدون طيار.
وقال نائب وزير الدفاع الأميركي لشؤون الاستحواذ دوج بوش، في تصريحات الشهر الماضي، إن الجيش الأميركي يراقب حرب الطائرات بدون طيار في أوكرانيا، ويبذل قصارى جهده لدمج تلك الدروس في الخطط المستقبلية.
*تهديد سائد
القائد في الجيش الأميركي ريتشارد برينان، والذي شارك في حدث تدريبي مضاد للطائرات بدون طيار في سبتمبر، أكد أن تهديد المركبات الجوية المسيرة "سيكون سائداً للغاية".
وقال عالم الفيزياء البارز في مؤسسة راند RAND الأميركية، كريس بيرنين، والذي شارك أيضاً في التدريب على مكافحة الطائرات بدون طيار الشهر الماضي، إن مشكلة عدد الأنظمة المضادة للمركبات الجوية المسيرة التي تحتاجها الولايات المتحدة هي "قضية رئيسية" للجيش.
وتسلمت كل فرقة من فرق الجيش الأميركي في السابق، كتائب دفاع جوي قصيرة المدى خاصة بها.
وأكد نيك رينولدز، وهو زميل باحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، والذي كتب بشكل موسع عن الحرب الروسية الأوكرانية، أن الجيوش الغربية يجب أن تمتلك "نوعاً من القدرة المضادة للطائرات بدون طيار على كل مستوى".
*تجربة حلول مختلفة
وأشار الموقع المختص بالشؤون الدفاعية، إلى أنه ليس من الواضح حتى الآن ما هو النظام المضاد للطائرات بدون طيار الذي ستستخدمه الولايات المتحدة.
واختبر البنتاجون أسلحة الموجات الدقيقة، وأشعة الليزر والمدافع الآلية، وأجهزة التشويش ضد الطائرات بدون طيار، ولكنه لم يختر نظاماً واحداً للاستثمار فيه.
وقال أحد كبار محللي السياسات الدفاعية في مؤسسة راند بيتر ويلسون، إنه سيتعين على الجيش الأميركي مواجهة الواقع، في ما يتعلق بسياسة مكافحة الطائرات بدون طيار.
وفي الوقت نفسه، تمضي دول أخرى قدماً في شراء أنظمة مضادة للطائرات بدون طيار، حسبما صرح ممثلو شركتين تنتجان أسلحة مضادة للطائرات بدون طيار لموقع "ديفينس ون".
واشترت دول مجموعة أجهزة التشويش والمدافع من إم إس آي ديفينس سيستمز -MSI Defense Systems، وهو قيد الإنتاج حالياً في عدة إصدارات.
وقال الرئيس التنفيذي في شركة "APS"، ماسيج كليم، إن الشركة تعمل على تحسين أجهزة التشويش الخاصة بها بناءً على البيانات التي تم جمعها من إرسالها إلى خط المواجهة في أوكرانيا حول باخموت.
المصدر: الشرق للأخبار