تتجه وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" إلى استخدام خطوط الإنتاج في الخارج لتعزيز مخزونات الولايات المتحدة من الأسلحة والذخيرة، وذلك في ظل المخاوف من صراع محتمل مع الصين، والطلب المتزايد على المعدات العسكرية بسبب الحرب في أوكرانيا.
وأفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، السبت، بأن التحول إلى إنتاج الأسلحة في الخارج لتلبية الطلب العالمي المتزايد، يأتي في وقت تسعى فيه الحكومة الأميركية لتعزيز عمليات التصنيع، مثل الطائرات المسيرة والصواريخ، في دول مثل ألمانيا وبولندا وأستراليا.
وكان البنتاجون وضع مؤخراً خططاً لتطوير آلاف الأسلحة الآلية مثل الطائرات المسيرة في غضون عامين، ولكن "نقص الرقائق والآلات، والأيدي العاملة المؤهلة"، أدى إلى الحد من قدرة شركات الدفاع الأميركية على زيادة طاقتها في الداخل، حسب الصحيفة.
وأدى الصراع في أوكرانيا، إلى زيادة الطلب على قذائف المدفعية والصواريخ، والتي استخدمتها القوات الأوكرانية بكميات هائلة في محاولتها لطرد القوات الروسية هذا الصيف.
ووفقاً للصحيفة، فإن البنتاجون يشجع مقاولي الدفاع على الاستمرار في اتباع نهج "دعم الأصدقاء"، وذلك من خلال تقاسم التكنولوجيا العسكرية مع الشركات الأجنبية المصنعة في الدول الحليفة.
*الإنتاج المشترك للأسلحة
ونقلت الصحيفة عن بيل لابلانت، وهو رئيس قسم المشتريات في البنتاجون، قوله إن وزارة الدفاع تخطط للإعلان عن مجموعة من الصفقات خلال الأشهر القليلة المقبلة، والتي تهدف إلى إنشاء خطوط إنتاج لمصانع الأسلحة في أوروبا وأماكن أخرى، مضيفاً: "ما نتجه إليه هو التنمية والإنتاج المشتركين مع حلفائنا".
وأشارت "وول ستريت جورنال"، إلى أن هذا النهج الجديد أتاح عقد صفقات عدة تتضمن قيام شركات بولندية بإنتاج صواريخ "جافلين" الأميركية، والتي تُستخدم في أوكرانيا على نطاق واسع، كما تقوم شركات ألمانية بتصنيع أجزاء من المقاتلة الشبح "إف -35"، وقاذفة صواريخ جديدة.
وكانت الولايات المتحدة قد التزمت بتقديم أسلحة وذخيرة وإمدادات لأوكرانيا بأكثر من 40 مليار دولار منذ بدء الغزو الروسي في فبراير 2022، ولكن شركات الدفاع الأميركية استغرقت وقتاً أطول مما توقعه البنتاجون لتعزيز الإنتاج في الداخل للحفاظ على مخزونات الولايات المتحدة، ولهذا سعت شركات الدفاع الأميركية وتلك الموجودة في الدول الحليفة، إلى استغلال القدرة الإنتاجية في الخارج وتوسيعها.
وقالت الصحيفة إن فكرة إنتاج الشركات الأميركية للأسلحة والمعدات العسكرية في الخارج ليست جديدة، مشيرة إلى أن معظم عمليات الإنتاج في الخارج تتم في إطار صفقات بيع الأسلحة، والتي تقابلها نقل بعض عمليات الإنتاج، والوظائف، إلى تلك البلدان.
*صفقات تعاونية
العلامات الأولى لنهج البنتاجون الجديد، إلى جانب الجهود التي تبذلها الشركات الكبرى بدأت في الظهور، ففي أغسطس الماضي منح الجيش الأميركي شركة "آي إم تي ديفينس" الكندية الشريحة الأولى من عقود لإنتاج القذائف، كما أنه من المقرر منحها المزيد من العقود.
ومن بين أهم الجهود المبذولة لتعزيز الإنتاج من خلال الصفقات التعاونية، هو التحالف الثلاثي بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة المعروف باسم "أوكوس".
كما شجعت الزيادة المُخطَط لها في ميزانيات الدفاع الأوروبية في أعقاب الصراع في أوكرانيا الشركات الأميركية على زيادة الاستثمار في المنطقة، ومتابعة المزيد من المشاريع المشتركة، حيث أدى طلب برلين شراء طائرات مقاتلة من طراز "إف-35" بقيمة 8.8 مليار دولار إلى فتح الباب أمام ألمانيا للانضمام إلى التحالف متعدد البلدان الذي يصنع بعض أجزاء الطائرة الشبح.
كما اختارت شركة "نورثروب جرومان" شركة "راينميتال" وهي شركة ألمانية كبيرة تقوم بتصنيع الذخيرة وقطع غيار الدبابات، لتصنيع أجزاء رئيسية من طائرات ضمن مشروع مشترك جديد.
*تعويض خروج أنقرة
وستعمل الشركة الألمانية على سد الفجوة التي خلفتها الشركات التركية بعد خروج أنقرة من برنامج طائرات "إف-35" في عام 2019، لأنها اختارت شراء نظام دفاع صاروخي روسي (إس-400) كان من الممكن أن يعرّض فعالية الطائرة الأميركية للخطر، بحسب الصحيفة.
ويقول ديف كيفر، وهو المدير المالي لـ"نورثروب"، إن "راينميتال" لن تسد الفجوة التي خلفتها تركيا فحسب، بل ستوفر قدرة إضافية أيضاً.
وأضافت الصحيفة أن عمليات التصنيع العسكري في بولندا تبدو أكبر من تلك التي تتم في ألمانيا، حيث تلقت وارسو طلبات شراء معدات بمليارات الدولارات خلال العام الماضي من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وتركيا ودول أخرى.
وتجري شركتا "لوكهيد مارتن" و"آر تي إكس" محادثات مع شركة "ميسكو" البولندية، وهي جزء من شركة الدفاع "بي جي زد" المملوكة للدولة، لتصنيع صواريخ "جافلين" وأجزاء من نظام الدفاع الصاروخي باتريوت، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن مديرين تنفيذيين في الشركة.
ويقول برزيميسلاف كووالشوك، المدير الإداري في "ميسكو"، إن توقيت التوصل للاتفاقية النهائية لإنتاج صواريخ "جافلين" سيعتمد على وزارة الخارجية الأميركية، التي لها القول الفصل في مثل هذه الصفقات.
ويقول فرانك سانت جون، وهو الرئيس التنفيذي للعمليات في "لوكهيد مارتن"، إن البنتاجون ووزارة الخارجية الأميركية يعملان على وضع إطار عمل جديد لتسهيل الموافقات على مثل هذه المشاريع المشتركة.
ويؤكد المسؤولون العسكريون الأميركيون، أن المخزونات الحالية من الصواريخ والقذائف كافية لمواجهة التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة، ولكن الجيش الأميركي رفض التعليق عما إذا كان سيتم احتساب الطاقة الإنتاجية التي تبدأ في الخارج ضمن أهداف البنتاجون لزيادة الإنتاج.
المصدر: القدس