حسب المصطلحات العسكرية، فإن الصاروخ هو سلاح جوي موجَّه بعيد المدى قادر على الطيران والمناورة، ذاتيّ الحركة عادةً بواسطة محرك نفَّاث أو بمحرك صاروخي.
في الأساس يمكن تعريف أي جسم يُلقَى لضرب هدف بأنه صاروخ. على سبيل المثال، يمكن أن يكون إلقاء حجر على عصفور طائر صاروخاً من الناحية الفنية، وفي حال منح هذا الحجر القدرة على امتلاك ردّ فعل سريع بمساعدة التكنولوجيا والقدرة على التحرك وفقاً للطائر الهارب من مسار الحجر، فإن هذا يحوّل الحجر إلى صاروخ موجَّه.
هذا المثال البسيط لا يكفي بالطبع لوصف الصواريخ التي حولتها التكنولوجيا المتقدمة إلى أقوى أسلحة الحروب في يومنا الحالي. في هذا التقرير سنستعرض تطور تكنولوجيا الصواريخ وأجيالها المختلفة، خطوة بخطوة، كما سنشرح كيفية عمل الصواريخ وطرق تصنيفها.
البداية من ألمانيا
أول الأمثلة الحديثة للاستخدام العملي للصواريخ، التي تعود جذورها إلى عهد أسرة سونغ في الصين في القرن 13، هي صواريخ "V-1" و"V-2"، التي استخدمها الألمان خلال الحرب العالمية الثانية، وكلاهما يستخدم طياراً آلياً ميكانيكياً للحفاظ على تحليق الصاروخ على طول الطريق المختار مسبقاً.
عقب الحرب العالمية الثانية تنافس الروس والأمريكان والبريطانيون لامتلاك تكنولوجيا الصواريخ، وتسابقوا لالتقاط علماء وموظفي برنامج الصواريخ الألمانية. حقّقَت روسيا وبريطانيا بعض التقدم، لكن الولايات المتحدة سجلت نجاحات أكثر منهما.
قبضت الولايات المتحدة علي عدد كبير من علماء الصواريخ الألمان، على رأسهم العالم فون براون، وأتت بهم إلى الولايات المتحدة، واستخدمت ابتكاراتهم لاستنساخ صاروخ "V-2" وتطويره إلى الصاروخ الأمريكي "الصخرة الحمراء". رغم ذلك فإن هذه الأمثلة بعيدة كل البعد عن تكنولوجيا الصواريخ التي نعرفها اليوم.
الصواريخ الباليستية والتكتيكية
في البداية تُصنَّف الصواريخ الموجهة عموماً وفقاً لموقع منصة الإطلاق والهدف. منها خمسة أنواع: جو-جو، وجو-أرض، وأرض-جو، ومضادّ للسفن، ومضادّ للدبابات. أيضاً تختلف أنواع الصواريخ وفقاً للغرض منها وهيكلها. التصنيفان الأكثر عمومية هما الصواريخ الباليستية والصواريخ التكتيكية.
وتشتقّ الصواريخ الباليستية اسمها من الطريقة التي تتبعها، بمعنى آخر، يُطلَق عليها هذا الاسم لأنها تتحرك في مسار باليستي بعد الإطلاق. وهي مقسَّمة حسب مداها والرؤوس الحربية التي تحملها وعددها، إذ يمكنها حمل رؤوس نووية، وكذلك رؤوس حربية تقليدية أو بيولوجية أو كيميائية. ويُعتبر صاروخ إسكندر الروسي باليستياً قصير المدى.
أما صاروخ كروز التقليدي فيُطلَق بمحرك معزّز صغير، وأحياناً بلا محرك إذا أُطلقَ من مقاتلة، ويمكن أن يغيّر مساره تغييراً كبيراً قبل الاصطدام بالهدف. ويوفر صاروخ كروز، مثل الصواريخ الباليستية، رادعاً كبيراً لمستخدميه، إذ يتيح ضرب نقاط استراتيجية عالية القيمة عسكرياً، وأنظمة دفاع جوي وأهدافاً برية وبحرية ثابتة أو متحركة بدقة عالية.
وتُصنَّف الصواريخ الموجودة حالياً إلى خمسة أجيال، اعتماداً على تطوُّر الرؤوس الباحثة (نظام التوجيه).
مطالب لتغيير التسميات
يرى تقرير سابق نشرته صحيفة واشنطن بوست عام 2020، أن الصواريخ تتقدم سريعاً لدرجة أن أسماءها بحاجة إلى التغيير، خصوصاً أن الأسماء القديمة لم تعُد كافية لوصفها بدقة لكونها أصبحت أسرع وأكثر رشاقة وتطوراً من أي وقت مضى.
ويشير التقرير الصادر عن شركة "إيروسبيس كوربوريشن"، وهي شركة أبحاث فضاء غير ربحية في كاليفورنيا، إلى أن الحدود بين الفئات المحددة للصواريخ تتلاشى مع التقدم التكنولوجي، وفي كثير من الحالات غير واضحة منذ سنوات عديدة، مما يؤكّد "الحاجة إلى مزيد من الفروق الدقيقة". فيما يقترح العلماء إلغاء المواصفات العامة مثل "كروز" و"الباليستية" و"الفرط صوتية"، والانتقال إلى تصنيف أكثر دقة لوصف كل من الصواريخ الأمريكية والأجنبية.
ويجادل التقرير بأن تصنيف الصواريخ لا يؤثر في مفاوضات الحد من التسلُّح مع القوى الأجنبية وحسب، بل يؤثر أيضاً في بروتوكولات التحذير الصاروخي وأنظمة الدفاع الصاروخي وخطط الطوارئ. ويحذّر أيضاً من أنه إذا استخدمت وزارة الدفاع الأمريكية مصطلحات تفتقر إلى الوضوح، فقد تجد الولايات المتحدة نفسها غير جاهزة للتعامل مع التهديدات المستقبلية.
واقترح تقرير "إيروسبيس كوربوريشن" تقسيم التوصيف إلى خمس فئات من النطاق وخمس فئات من نوع الحمولة، بما يتيح لمسؤولي الدفاع مزيداً من المعلومات عن سلاح معين بمجرَّد ذكر اسمه.
المصدر: تي آر تي عربي